:ى654:
السلام علكم و رحمة الله
عجبتني هذه القصة لما تحمل من اصرار و امل
أحببتها فنقلتها لكم
ليعي كل واحد منا
أن الله كريم
و بعد كل عسر يسرا ..
إليكم القصة ,,
أنا سيدة في الثامنة و الثلاثين من العمر نشأت في أسرة
ميسورة الحال و عشت في كنفها حياة هادئة إلي أن
تخرجت في الجامعة ..
و عقب التخرج التحقت بعمل ممتاز يدر علي دخلا
كبيرا ..
و أحببت عملي كثيرا و أعطيته كل اهتمامي , و تقدمت
فيه سريعا حتى تخطيت كثيرين من زملائي .
و كنت خلال مرحلة الجامعة قد ارتديت الحجاب بإرادتي
و اختياري , و بدأ الخطاب يتقدمون إلي , لكنني لم أجد في
أحدهم ما يدفعني للارتباط به, ثم جرفني العمل و الانشغال
به عن كل شيء آخر حتى بلغت سن الرابعة و الثلاثين و بدأت
أعاني النظرات المتسائلة عن سبب عدم زواجي حتى هذه السن .
و تقدم لي شاب من معارفنا يكبرني بعامين ..
و كان قد أقام عقب تخرجه عدة مشروعات صغيرة باءت كلها بالفشل ..
و لم يحقق أي نجاح مادي , و كان بالنسبة لي محدود الدخل,
لكني تجاوزت عن هذه النقطة و رضيت به وقررت أنني بدخلي
الخاص سوف أعوض كل ما يعجز هو بإمكاناته المحدودة عنه
و ستكون لنا حياة ميسورة بإذن الله.
و قد ساعدني علي اتخاذ هذا القرار أنني كنت قد بدأت أحبه ..
و أنه قد أيقظ مارد الحب النائم في أعماقي و الذي
شغلت عنه طيلة السنوات الماضية بطموحي في العمل كما
أنه كان من هؤلاء البشر الذين يجيدون حلو الكلام , و قد روي
بكلامه العذب ظمأ حياتي .
و بدأنا نعد لعقد القران وطلب مني خطيبي صورة من بطاقتي
الشخصية ليستعين بها في ترتيب القران..
و لم أفهم في ذلك الوقت مدي حاجته لهذه الصورة لكني
أعطيتها لهو في اليوم التالي فوجئت بوالدته تتصل بي تليفونيا
و تطلب مني بلهجة مقتضبة مقابلتها علي الفور.. و توجست
خيفة من لهجتها المتجهمة , و أسرعت إلي مقابلتها.
فإذا بها تخرج لي صورة بطاقتي الشخصية و تسألني هل
تاريخ ميلادي المدون بها صحيح ؟ و أجبتها بالإيجاب و أنا أزداد
توجسا و قلقا , ففوجئت بها تقول لي:
إذن فإن عمرك يقترب الآن من الأربعين .
و ابتلعت ريقي بصعوبة ثم قلت لها بصوت خفيض
أن عمري34 عاما.
فقالت أن الأمر لا يختلف كثيرا لأن الفتاة بعد سن الثلاثين
تقل خصوبتها كثيرا و هي تريد أن تري أحفادا لها من ابنها..
لا أن تراه هو يطوف بزوجته علي الأطباء جريا وراء
الأمل المستحيل في الإنجاب منها.
و لم أجد ما أقوله لها لكني شعرت بغصة شديدة في حلقي ,
و انتهت المقابلة و عدت إلي بيتي مكتئبة..
و منذ تلك اللحظة لم تهدأ والدة خطيبي حتى تم فسخ
الخطبة بيني و بينه و أصابني ذلك بصدمه شديدة لأنني
كنت قد أحببت خطيبي و تعلقت بأمل السعادة معه..
لكنه لم ينقطع عني بالرغم من فسخ الخطبة , و راح يعدني
بأنه سيبذل كل جهده لإقناع والدته بالموافقة علي زواجنا..
و استمر يتصل بي لمدة عام كامل دون أي جديد ..
و وجدت أنني في حاجة إلي وقفة مع النفس و مراجعة الموقف كله..
و انتهيت من ذلك إلي قرار ألا أمتهن نفسي أكثر من ذلك
و أن أقطع هذه العلاقة نهائيا ..
و فعلت ذلك و رفضت الرد علي اتصالات خطيبي السابق.
و مرت ستة أشهر عصيبة من حياتي..
ثم أتيحت لي فرصة السفر لأداء العمرة , فسافرت لكي
أغسل أحزاني في بيت الله الحرام ..
و أديت مناسك العمرة ..
و لذت بالبيت العتيق و بكيت طويلا و دعوت الله أن يهيئ لي
من أمري رشدا , و في أحد الأيام كنت أصلي في الحرم
و انتهيت من صلاتي و جلست أتأمل الحياة في سكون فوجدت
سيدة إلي جواري تقرأ في مصحفها بصوت جميل..
و سمعتها تردد الآية الكريمة و كان فضل الله عليك عظيما
فوجدت دموعي تسيل رغما عني بغزارة , و التفت إلي هذه
السيدة و جذبتني إليها, و راحت تربت علي ظهري بحنان و هي
تقرأ لي سوره الضحى إلي أن بلغت الآية الكريمة و لسوف
يعطيك ربك فترضي فخيل إلي أنني أسمعها لأول مرة في
حياتي مع أني قد رددتها مرارا من قبل في صلاتي..
و هدأت نفسي, وسألتني السيدة الطيبة عن سبب بكائي
فرويت لها كل شيء بلا حرج, فقالت إن الله قد يجعل بين كل
عسرين يسرا, و أنني الآن في العسر الذي سوف يليه
يسر بإذن الله..
و أن ما حدث لي كان فضلا من الله لأن في كل بلية نعمة
خفية كما يقول العارفون , و شكرتها بشدة علي كلماتها الطيبة
و دعوت لها بالستر في الدنيا و في الآخرة , و غادرت الحرم
عائدة إلي فندقي و أنا أحسن حالا و انتهت فترة العمرة و جاء
موعد الرحيل, و ركبت الطائرة عائدة فجاءت جلستي إلي
جوار شاب هادئ الملامح و سمح الوجه, وتبادلنا كلمات
التعارف التقليدية..
فوجدتني أستريح إليه و اتصل الحديث بيننا طوال الرحلة
إلي أن وصلنا و انصرف كل منا إلي حال سبيله, و أنهيت
إجراءاتي في المطار , و خرجت فوجدت زوج أقرب صديقاتي
إلي في صالة الانتظار فهنأني بسلامة العودة و سألته عما
جاء به للمطار فأجابني بأنه في انتظار صديق عائد علي
نفس الطائرة التي جئت بها.
و لم تمض لحظات إلا و جاء هذا الصديق فإذا به هو نفسه
جاري في مقاعد الطائرة و تبادلنا التحية , ثم غادرت المكان
بصحبة والدي..
وما أن وصلت إلي البيت و بدلت ملابسي و استرحت بعض
الوقت حتى وجدت زوج صديقتي يتصل بي و يقول لي أن صديقه
معجب بي بشده و يرغب في أن يراني في بيت صديقتي في
نفس الليلة لأن خير البر عاجله , ثم يسهب بعد ذلك في مدح
صديقه و الإشادة بفضائله و يقول لي عنه أنه رجل أعمال شاب
من أسرة معروفة و علي خلق و دين و لا يتمني لي من هو
أفضل منه لكي يرشحه للارتباط بي.
و خفق قلبي لهذه المفاجأة غير المتوقعة..
و استشرت أبي فيما قاله زوج صديقتي فشجعني على
زيارة صديقتي لعل الله جاعل لي فرجا.
و زرت صديقتي و زوجها و التقيت بجاري في الطائرة
و استكملنا التعارف و تبادلنا الإعجاب..
و لم تمض أيام أخري حتى كان قد تقدم لي..
و لم يمض شهر و نصف الشهر بعد هذا اللقاء حتى كنا
قد تزوجنا و قلبي يخفق بالأمل في
السعادة , و حديث السيدة الفاضلة في الحرم عن اليسر
بعد العسر يتردد في أعماقي .
و بدأت حياتي الزوجية متفائلة و سعيدة و وجدت في زوجي
كل ما تمنيته لنفسي في الرجل الذي أسكن إليه من حب
و حنان و كرم و بر بأهله و أهلي , غير أن الشهور مضت و لم
تظهر علي أية علامات للحمل, و شعرت بالقلق خاصة أنني
كنت قد تجاوزت السادسة و الثلاثين و طلبت من زوجي أن
أجري بعض التحاليل و الفحوص خوفا من ألا أستطيع الإنجاب ,
فضمني إلي صدره و قال لي بحنان غامر أنه لا يهمه من الدنيا سواي..
و أنه ليس مهتما بالإنجاب, لأنه لا يتحمل صخب الأطفال
وعناءهم, لكني أصررت علي مطلبي..
و ذهبنا إلي طبيب كبير لأمراض النساء و طلب مني إجراء
بعض التحاليل, و جاء موعد تسلم نتيجة أول تحليل منها
ففوجئت به يقول لي أنه لا داعي لإجراء بقيتها لأنه مبروك يامدام..
أنت حامل!
فلا تسل عن فرحتي و فرحة زوجي بهذا النبأ السعيد ..
و غادرت عيادة الطبيب و أنا أشد علي يده شاكرة له بحرارة.
و في ذلك الوقت كان زوجي يستعد للسفر لأداء فريضة الحج ,
فطلبت منه أن يصطحبني معه لأداء الفريضة و أداء واجب الشكر
لمن أنعم علي بهذه النعم الجليلة, و رفض زوجي ذلك بشدة
و كذلك طبيبي المعالج لأنني في شهورا لحمل الأولي ..
لكني أصررت علي مطلبي و قلت لهما أن من خلق هذا
الجنين في أحشائي علي غير توقع قادر علي أن يحفظه
من كل سوء , و استجاب زوجي لرغبتي بعد استشاره الطبيب
و اتخاذ بعض الاحتياطات الضرورية وسافرنا للحج و عدت
و أنا أفضل مما كنت قبل السفر..
و مضت بقيه شهور الحمل في سلام و إن كنت قد عانيت
معاناة زائدة بسبب كبر سني, و حرصت خلال الحمل علي
ألا أعرف نوع الجنين لأن كل ما يأتيني به ربي خير و فضل منه,
و كلما شكوت لطبيبي من إحساسي بكبر حجم بطني عن
المعتاد فسره لي بأنه يرجع إلي تأخري في الحمل إلي
سن السادسة و الثلاثين .
ثم جاءت اللحظة السحرية المنتظرة و تمت الولادة و بعد أن
أفقت دخل علي الطبيب و سألني باسما عن نوع المولود الذي
تمنيته لنفسي فأجبته بأنني تمنيت من الله مولودا فقط
و لا يهمني نوعه..
ففوجئت به يقول لي: إذن ما رأيك في أن يكون لديك
الحسن والحسين و فاطمة !!
و لم أفهم شيئا و سألته عما يقصده بذلك فإذا به يقول لي
و هو يطالبني بالهدوء و التحكم في أعصابي أن الله سبحانه
تعالي قد من علي بثلاثة أطفال ,
سبحان الله ,,,
كان الله سبحانه و تعالي قد أراد لي أن أنجب خلفة العمر
كلها دفعة واحدة رحمة منه بي لكبر سني , و أنه كان يعلم
منذ فتره بأنني حامل في توءم لكنه لم يشأ أن يبلغني بذلك
لكيلا تتوتر أعصاب خلال شهور الحمل و يزداد خوفي.
و لم أسمع بقية كلامه فلقد انفجرت في حالة هستيرية
من الضحك و البكاء و ترديد
عبارات الحمد و الشكر لله..
و تذكرت سيدة الحرم الشريف..
و الآية الكريمة..
و لسوف يعطيك ربك فترضي..
و هتفت أن الحمد لله..
الذي أرضاني و أسبغ علي أكثر مما حلمت به من نعمته.
أما زوجي الذي كان يزعم لي أنه لا يتحمل صخب الأطفال
و عناءهم لكي يهون علي همي بأمري فلقد كاد يفقد رشده
حين رأي أطفاله الثلاثة و راح يهذي بكلمات الحمد و الشكر
لذي الجلال و الإكرام حتى خشيت عليه من الانفعال. و أصبح
من هذه اللحظة لا يطيق أن يغيب نظره عنهم أوجه رسالتي
هذه إلي كل فتاه تأخر بها سن الزواج أو سيدة تأخر عنها
الإنجاب و تطالبهن بألا يقنطن من رحمة الله ..
الحمد لله الحمد لله الحمد لله